من روائع القصص #بسمة_موسى

من روائع القصص #بسمة_موسى
#قصة_قصيرة
يقولون في سِجِلّّاتِهِم أنه استَيقَظ يَومَهاَ مُبَكِّراً.. مُتَوَتِّراً..!

فَقَد أَشرَقَت شَمسُ يَومٍ كان ينتَظِرُه طَويلاً.. مَوعِدٌ مُهِم.. حَمَلَ هَمَّهُ طَويلا.. و ها قَد حانَ اليوم.. !

ذهبَ ليطمَئِنّ أنَّ كُلَّ شَيءٍ على ما يُرام.. ثِيابُهُ نَظيفة.. و حذاؤهُ يَلمَع..

اهتَمَّ بالأَخيرِ كَثيرا.. فالأُسطورة تَقول أن حِذاءَ المَرءِ يقولُ الكَثيرَ عَنه..!

إرتَدى ملابِسَهُ و تَأَنَّق.. و عَطَّرَ جَوَّ الغُرفَةِ بزَخّات سَخِيّة من قارورةِ العِطرِ المُعَتَّقة..

ألقى نَظرةً مُتَفَحِصّةًً أخيرة على نِفسهِ في المرآةِ المُقابلَةِ لِبابِ المَنزل..

ثُمَّ التَقِطَ سلسِلَةَ مفاتيحه و ذَهَبَ و هو يُتَمتِمُ لنَفسِهِ أنَّ كُلَّ شَيءٍ سيكونُ على ما يُرام.. سيكونُ على ما يرام.. سيكون على ما يُرام..

عُصابيٌّ هُوَ كما تَعلَمون.. كَمالِيٌّ أَيضا.. لذا تَخَيَلّوا حَجمَ الجَحيمِ الذي يُعانيهِ و هو يَصبو للَدَرَجَةِ النهائية في امتحان التفاصيل ..

خاصةً لو كان يُعِدُّ لها منذ زَمَنٍ بَعيد..!

وَصَلَ و قَلبُهُ يَخفُقُ بِشِدّة.. يَخشى أن يُخفِق..!

طالَعَ هِندامَهُ للمَرَّةِ الأخيرة.. مَسَحَ بعضَ التُّرابِ الذي لَوَّثَ حِذاءَهُ بِطَرفِ بِنطالِه.. فَبَريق الحِذاءِ مرآةُ المَرءِ كَما تَعلمون..!

تَبَسَّمَ في رضا و هو يَقتَرِبُ من مَدخَل البِناية و ..طشششششش !!!

نَظَرَ في ذُهول إلى بِنطالِه الذي كانَ أنيقا و حِذائِه الذي كانَ لامِعا و قد أصبحا يَنضحانِ و يفوحانِ بِرائِحةِ الماء القَذِر..!

و لم يسمع حارس البِناية الراكِض و هو يصيح مُعتَذِرا..

"لا مُؤاخذة يا أستاذ مخدتَش بالي ان حضرتَك داخل العمارة و انا بَدلُق مَيّة المَسح.. أصلنا بنمسح العمارة كُلّ خميس..كُلّ سنة و حضرتك طَيِّب"

كان نَظَرُهُ و اهتمامه مُنصَبَّينِ على حِذائِهِ الثَّمين المصنوع من الجِلد الطَّبيعي على القاذورات العالِقة به من مُخَلَّفات ال"مَسح".. تلك التي رآها في هذه اللحظة من مُخَلَّفات الحَرب..!

أطالَ التَّحديق .. ثُمَّ ابتَسَم..!

خَلَعَ حِذاءَهُ و وَضَعَهُ تَحتَ إبِطِه بعد تنظيفهِ كَأنَّما يُعانِقُه..

قامَ بِطَيِّ ساق بِنطالِهِ عِدَّة طَيّاتٍ حتى اختفى مَوضع الإصابة..

ثُمَّ ارتَقى دَرَجاتِ السُلَّم في هُدوءٍ و شُموخ و ابتسامَةٍ تَعِدُ بالكَثير..

فَعلى الرّغم ِ من كُلِّ شَيء..

لقد وَصَلَ في مَوعِدِه.. و نَجا من الطوفانِ حذاؤُهُ..!

فَحِذاءُ المَرءِ ..

هو انعكاسُ ذاتِهِ ساكِنةَ العُمقِ..

لو كُنتُم تَعلمون..!

#بسمة_موسى
#قصة_قصيرة




تعليقات